تطوير الذات

مغامرة جسورة أو لا شيء على الإطلاق

هل تحب المغامرة؟ على النقيض مما يعتقدُ البعضُ، الشجاعةُ ليست صفةً تولدُ بها، أو موقفاً محصوراً بمواجهةِ الأعداءِ وخوضِ الحروبِ الضروسِ، بل هيَ سمةٌ يمكنُ اكتسابُها وصقلُها معَ مرورِ الوقتِ. كما أنَّ اكتسابِ الشجاعةِ لا يستلزمُ القيامَ بعملٍ خارقٍ أو تصرفٍ بطوليٍّ، فما هيَ الشجاعةُ الحقيقيةُ إذن؟

ما هي الشجاعة

الشجاعةُ هيَ الاستعدادُ الذهنيُّ والعاطفيُّ، والقدرةُ على التعاملِ معَ الظروفِ الصعبةِ. إنها القدرةُ على مواجهةِ الألمِ والخوفِ وعدمِ اليقينِ والمشكلاتِ التي تبدو عصيَّةً على الحلِّ، والتغلبِ على تحدياتِ الحياةِ ومصاعِبِهَا، دونَ أن تسمحَ للهزيمةَ أن تتسلل إلى قلبك.

عدم الخوف لا يعني الشجاعة

والشجاعةُ لا تعني انعدامِ الخوفِ كما يتصورُ الكثيرونَ، فاسأل أيَّ جنديٍّ أو محاربٍ اضطرَّ لخوضِ المعاركِ، وستجدُ أنَّ قلةً مَنْ ينكرونَ إحساسَهُمْ بالخوفِ؛ ذلكَ أنَّ الإحساسَ بالخوفِ جزءٌ مِنَ الطبيعةِ البشريةِ، ومَنْ لا يخافُ لا يُخشى منهُ كما يقولُ الـمَثَلْ؛ فشتَّانَ ما بينَ الشجاعةِ الحكيمةِ والتهوُّرِ الأرْعَنِ.

وكما هوَ الحالُ عندما ترغبُ في اكتسابِ أيِّ عادةٍ أو سمةٍ شخصيةٍ، يجبُ في البدايةِ أن تكونَ لديكَ رغبةٌ عارمةٌ واستعدادٌ تامٌّ للقيامِ بكلِّ ما يتطلبهُ الأمرُ لتحقيقِ هدفكِ المنشودِ.

يمكنُ أن يشكِّلَ إدراكُكُ للآثارِ السلبيةِ التي يعكسها العيشُ بخوفٍ في حياتكِ، أو رغبتكَ في أن تحيا حياةً مليئةً بالإنجازاتِ والمغامراتِ، دافعاً كبيراً لكَ. المهمُّ أن تغوصَ في أعماقِ ذاتكَ وتستخرجَ تلكَ الرغبةَ الدفينةَ وتوقِدها على الفورِ حتى تُشْعِلَ طاقاتِكَ وتدفعَ جهودَكَ قُدُماً لاكتسابِ الشجاعةِ التي ترنو إليها.

حكايات عن الشجاعة

اقرأ قصصَ الناجحينَ وشاهِدْ أفلاماً عن حكاياتِ الشجاعةِ. حيثُ تعتبرُ القراءةُ عن الأعمالِ الشجاعةِ للآخرينَ ملهمةً للغايةِ. في أحدِ الأعمالِ الأدبيةِ المميزةِ “دون كيشوت” للكاتبِ المسرحيِّ والروائيِّ ميغيل دي ثيربانتس. يحاولُ بطلُ الروايةِ جاهداً تصحيحَ أخطاءِ العالمِ بشجاعةٍ ومغامرة. فيواجهُ الازدراءَ والسخريةَ والمقاومةَ في كلِّ منعطفٍ من حياتهِ. لكنه يبقى صامداً مثابراً رغمَ كلِّ العقباتِ.

يقول دون كيشوت واصفاً نفسه: «رجل مُحتَقَرٌ ومغطىً بالندوبِ. ما يزالُ يجاهدُ بما تبقَّى لديهِ مِنْ شجاعةٍ للوصولِ إلى النجومِ التي لا يمكنُ الوصولُ إليها».

فقط ابدأ

لا مشكلةَ في أن تبدأَ صغيراً، لكن ابدأ مِنْ مكانٍ ما. قد تكونُ المغامرةُ والخروجُ مِنْ منطقةِ راحتكَ أمراً شاقّاً ومُتعِباً في البدايةِ؛ لأنَّ محاربةَ العاداتِ القديمةِ أمرٌ ليسَ سهلاً، لكن لا تستسلمْ وابدأ بفعلِ شيءٍ صغيرٍ.

توجَّه عندما تُقام مناسبةٌ ما في مكانِ العملِ إلى أحدِ المدعويِّنَ ممَّن لا تعرفهم. وابدأ حواراً معَ الشخصِ الـمُقابِلِ متجاهلاً خوفكَ. واجه توتركَ وعرقكَ الذي يتصببُ كلما أردتَ التحدثَ أمامَ مجموعةٍ من الناسِ بأن تدفعَ نفسكَ لإبداءِ الرأيِ وتقديمِ المقترحاتِ في الاجتماعِ القادمِ لعملكِ بغضِّ النظرِ عنِ النتيجةِ. قم بإلقاءِ نكتةٍ وسطَ مجموعةٍ مِنَ الأصدقاءِ أو الأقاربِ، غيرَ مُكترثٍ بردةِ فِعْلِهم. فغايتكَ هيَ اكتسابُ الشجاعةِ لا النتيجةُ نفسها، لذا لا تركز على النتائجِ بل ركز على الأفعالِ.

hostinger

ابني شجاعتك

ببطءٍ وتدرُّجٍ، ولكن بثباتٍ وانضباطٍ والتزامٍ يوميٍّ. قم ببناءِ شجاعتكِ من خلالِ القيامِ بالأشياءِ التي عادةً ما تخجلُ من القيامِ بها. واعمل على تعزيزِ أفكاركِ الإيجابيةِ وتنميةِ الإيمانِ بالذاتِ والثقةِ التي تعدُّ جزءاً كبيراً من تطويرِ الشجاعةِ والمغامرة. فالعقليةُ الشجاعةُ هي نتاجُ الإيمانِ والثقةِ بالنفسِ والتفكيرِ الإيجابيِّ.

عاهد نفسكَ منذُ الآنَ. على عيشِ حياةِ شجاعةٍ مليئةٍ بالمغامراتِ والأحداثِ الشيِّقةِ والنجاحاتِ المتتاليةِ. فلا شيءَ أقسى على المرءِ من التراجعُ والخوفِ وحرمانِ نفسهِ من الحياةِ التي يحلمُ بها لمجردِ أنهُ غيرُ قادرٍ على المواجهةِ.

كن شجاعاً كما كانت هيلين كيلر التي قالت عبارتها الشهيرةَ. وهي التي عاشت حياتها فاقدةً لحاسَّتَي السمعِ والبصرِ. إلا أنَّ ذلكَ لمْ يمنعها مِنْ عيشِ الحياةِ بشجاعةٍ نادرةٍ يشارُ إليها بالبَنَانِ: «الحياةُ إِمَّا مغامرةٌ جسورةٌ، أو لا شيءَ على الإطلاقِ».

علم الثراء ولاس دي. واتلز

معلومة صوتية

موقع وقناة عربية ثقافية، ترفيهية، شاملة تسعى لإثراء المحتوى العربي بالمعلومة الصحيحة والمفيدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى